تقع فلسطين على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط بين خطي الطول 34° 15° و35 °40° درجة شرقي غرينتش، وخطي العرض 29 °30° و 23° 15° شمالا. وتحدها من الشرق الجمهورية العربية السورية والأردن، ومن الشمال لبنان وجزء من سورية، كما يحدها من الجنوب سيناء وخليج العقبة. وتبلغ مساحة فلسطين العربية حوالي 27009 كيلومترا مربعا.
وقد لعب هذا الموقع دوراً رئيسياً في رسم ملامح المناخ الفلسطيني من حيث تأثير الساحل الشرقي للبحر المتوسط وصحراء سيناء والصحراء الأردنية وهذا يجعلها تخضع للمؤثرات البحرية والصحراوية بالإضافة إلى تعرضها للإشعاع الشمسي كما لعبت تضاريس فلسطين دوراً هاما في رسم هذه الملامح. تتميز فلسطين بتنوع أقاليمها المناخية رغم صغر مساحتها ، فهي تتبع لإقليم البحر المتوسط المعتدل ، وبها المناخ المداري و المناخ الصحراوي و شبه الصحراوي . فكان للبحر المتوسط أثراً بارزاً في تنوع مناخها الذي تؤثر فيه الرياح الغربية المرافقة للمنخفضات الجوية خاصة في المناطق الشمالية من فلسطين، و يعد مناخ فلسطين مناخاً معتدلاً مقارنة مع منطقة الشرق الأوسط ، ولكن يوجد اختلافاً واضحاً في مناخ فلسطين بين جنوبها و شمالها و بين السهول الساحلية و الأغوار. و نتيجة لوقوع فلسطين بعيداً عن مناطق تمركز المنخفضات الجوية حول جزيرة قبرص، تكونت صحراء النقب و التي تتناقص فيها كميات الأمطار إلى حوالي 50 ملم في السنة، و تعتبر المناطق الواقعة في ظل الأمطار على السفوح الشرقية و إقليم حفرة الانهدام مناطق صحراوية قليلة الأمطار، كما تختلف عناصر المناخ الأخرى من منطقة إلى منطقة نتيجة عوامل متعددة :-
أولا الموقع
كما ذكر سابقاً فكون فلسطين تقع شرق البحر المتوسط يجعلها على يمين المنخفضات الجوية المؤثرة في الحوض الشرقي للبحر المتوسط شتاءً ، فتسقط أمطاراً غزيرة على شمال فلسطين و تتناقص كميات الأمطار باتجاه الجنوب ، إضافة إلى استمرار عمل البحر المتوسط على اعتدال درجات الحرارة صيفاً و شتاءً ، و ارتفاع نسبة الرطوبة في المناطق الساحلية ، كما أن موقع فلسطين في نصف الكرة الشمالي وتحديداً على الساحل الشرقي للمتوسط جعلها تتأثر بنطاقات مراكز الضغط الجوي المرتفع الآزوري و السيبيري و
منخفضات البحر المتوسط و منخفض البحر الأحمر .
ثانياً التضاريس
تعتبر تضاريس فلسطين من أكثر العوامل الجغرافية تأثيراً على التباين المكاني لعناصر المناخ ، حيث يأخذ توزيع الأمطار و الحرارة و الرطوبة شكل نطاقات طولية تمتد من الشمال إلى الجنوب و تتطابق حدودها مع حدود التضاريس و تمتد في نفس الاتجاه . فتؤثر التضاريس في معدلات درجات الحرارة التي ترتفع في المناطق المنخفضة كالأغوار و تنخفض في المناطق المرتفعة، و تؤثر التضاريس في تباين كميات المطار حيث تقل الأمطار في مدينة بئر السبع ( 250 ملم ) بينما تزداد لتصل إلى (595.9 ملم) في مدينة الخليل التي تقع في المرتفعات الجبلية إلى الشرق من مدينة الخليل ويزداد كلما اتجهنا شمالاً حيث مدن الوسط ليصل إلى 624.3 ملم في مدينة القدس مروراً بمدن الشمال حيث كميات الأمطار تصل إلى 660.1 ملم في مدينة نابلس.
ثالثاً مراكز الضغط الجوي
المرتفع الآزوري : يؤثر المرتفع الآزوري في مناخ فلسطين في فصل الشتاء حيث يتزحزح المرتفع نحو الجنوب ليغطي الصحراء الكبرى الإفريقية ، مما يتيح الفرصة لتكون كتل هوائية دافئة تتحرك باتجاه حوض البحر المتوسط لتلتقي فوقه بالكتل الهوائية الباردة القادمة من أواسط أوربا و سيبيريا لتكون منخفضات البحر المتوسط . لكن في فصل الصيف نتيجة حركة الشمس الظاهرية يتزحزح الضغط المرتفع السيبيري شمالاً ليغطي حوض البحر المتوسط ، مما يمنع من تكون منخفضات جوية تؤثر في فلسطين و تكون السماء صافية خالية من الأمطار .
المرتفع السيبيري: يصل إلى بلاد الشام و العراق جزء من المرتفع السيبيري ، الذي يمنع حركة المنخفضات الجوية باتجاه الشرق ، كما أن السماء تكون صافية و الحالة الجوية هادئة ، و تسود رياح شرقية و شمالية شرقية جافة شديدة البرودة حينما يؤثر على المنطقة في فصل الشتاء . أما في فصل الصيف فيتراجع المرتفع السيبيري نحو الشمال و لا يؤثر في مناخ المنطقة.
الأخدود الأوروبي : يتكون فوق قارة أوروبا في فصل الشتاء مرتفع جوي تتكون فقه كتل هوائية باردة تتحرك باتجاه البحر المتوسط ، و يعتبر هذا المرتفع الجوي امتداداً للمرتفع السيبيري ، و تتميز الكتل الهوائية القادمة من المرتفع الأوروبي و السيبيري بأنها كتل باردة و باردة جداً .
جبهة البحر المتوسط: تتكون فوق البحر المتوسط جبهة تتكون فيه المنخفضات الجوية حيث تلتقي الكتل الهوائية الباردة القادمة من الشمال مع الكتل الهوائية الدافئة القادمة من الجنوب من الصحراء الكبرى. و تتحرك المنخفضات الجوية من الغرب باتجاه الشرق مع الرياح الغربية و تتمركز في الغالب فوق جزيرة قبرص حيث تؤثر في مناخ المنطقة فينخفض الضغط الجوي و تهب الرياح الشرقية ثم الجنوبية الغربية و الغربية ، و تتساقط ألأمطار و تتزايد كلما اتجهنا شمالاً .
منخفض البحر الأحمر: يعتبر منخفض البحر الأحمر منخفض حراري ينشأ فوق البحر الأحمر ليفصل بين مرتفعين جويين فوق صحراء جزيرة العرب و الصحراء الكبرى . و يؤثر في جنوب فلسطين حيث تنشأ حالة عدم استقرار نتيجة تمدده باتجاه الشمال مما يعمل على سقوط أمطار غزيرة في بعض الأحيان مصحوبة بعواصف رعدية شديدة و تتركز أمطار منخفض البحر الأحمر في الجنوب
المنخفضات الجوية: لا تؤثر جميع المنخفضات الجوية التي يتعرض لها الحوض الشرقي من البحر المتوسط على فلسطين ، و السبب في ذلك يرجع إلى أن بعض تلك المنخفضات تسلك مسارات شمالية أو شمالية شرقية ، بحيث يقتصر تأثيرها على تركيا و قبرص و شمال غربي أوروبا و لا تتأثر بها فلسطين . كما أن بعض المنخفضات يكون ضعيفاً و يقتصر سقوط الأمطار الخفيفة المرافقة لها على بعض الساحل الشرقي والشمالي لحوض المتوسط .
و يقدر المعدل السنوي لعدد المنخفضات التي تؤثر على الحوض الشرقي للبحر المتوسط بـ 28 منخفضاً جوياً ، و يقدر عدد المنخفضات الماطرة التي تعرضت لها فلسطين بحوالي 24 منخفضاً جوياً في السنة.
وعليه يمكن تلخيص الوضع الجوي لفلسطين على مدار العام على النحو التالي:-
الحالة الجوية في فصل الشتاء:
يتزحزح المرتفع الآزوري باتجاه الجنوب ليغطي الصحراء الكبرى، لتصبح منطقة البحر المتوسط منطقة ضغط جوي منخفض تتشكل فيها المنخفضات الجوية التي تتحرك باتجاه فلسطين، كما أن المرتفع السيبيري يؤثر في المنطقة حيث يصل تأثيره إلى بلاد الشام فيؤثر في حركة المنخفضات الجوية و الحالة الجوية ، و يلاحظ أنه قبل وصول المنخفض الجوي تكون السماء صافية و الرياح شرقية التي تهب من المرتفع الجوي باتجاه المنخفض الجوي فوق المتوسط ، ثم يتقدم المنخفض الجوي باتجاه المنطقة و يتمركز في الغالب في شمال شرق حوض البحر المتوسط ، و تبدأ الرياح في التحول لتصبح رياحاً غربية ثم شمالية غربية حيث يتغير اتجاه الحركة مع تغير حركة المنخفض ، كما أن الضغط الجوي ينخفض مع تقدم المنخفض الجوي و تزداد سرعة الرياح تبعاً لهذا الانخفاض حيث تكون باردة بسبب قدومها من مناطق شمال ووسط أوروبا الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض ملموس في درجات الحرارة.
الحالة الجوية في فصل الصيف :
يتراجع المرتفع السيبيري باتجاه الشمال و يتناقص تأثيره على المنطقة حتى يتلاشى تماماً ، ثم يتحرك المرتفع الآزوري باتجاه الشمال ليغطي حوض البحر المتوسط الذي تتلاشى فيه جبهة المتوسط ، و تصبح السماء صافية و خالية من السحب في أغلب أيام الصيف حيث ترتفع درجات الحرارة و تتناقص الرطوبة باستثناء المناطق الساحلية ، و تتأثر فلسطين بالمنخفض الهند الموسمي الذي يعمل على رفع درجات الحرارة على بلاد الشام بشكل كبير نتيجة لهبوب الرياح الحارة والجافة حيث يصاحبه موجات من الحر تسود كافة بلاد الشام وقد يمتد تأثيرها شمالاً لتصل إلى دول جنوب أوروبا عندما يحصل زيادة في امتداد المرتفع الازوري إلى الشمال ليسيطر على مناطق وسط البحر المتوسط.
الحالة الجوية في فصل الربيع:
من الظواهر الجوية المميزة في هذه الفترة والتي تؤثر على مناطق شرق البحر الأبيض المتوسط المنخفضات الخماسينية والتي تستمر خمسين يوماً وتبدأ في21 آذار وتنتهي في العاشر من أيار ففي هذه الفترة تكون درجة حرارة البحر المتوسط أبرد من درجة حرارة اليابسة الإفريقية مما يؤدي إلى وجود حالة من عدم الاستقرار ديناميكي بسبب الاختلاف الحراري للكتل الهوائية ومع وجود جبال أطلس في الشمال الغربي للقارة الإفريقية ، حيث تؤدي هذه الجبال دوراً ديناميكياً في زيادة الحركة الإعصارية للرياح في المنطقة الخلفية لجبال أطلس .
تتحرك المنخفضات الخماسينية على طول الخط الفاصل بين الهواء البارد فوق البحر المتوسط والهواء الحار فوق الساحل الافريقي الشمالي .هذه المنخفضات تتميز بطقس حار وجاف ومغبر لأنها تتشكل فوق الصحراء الكبرى في شمال أفريقيا ثم تندفع شمالاً عندما تصل السواحل الشرقية للبحر الأبيض المتوسط لتتمركز فوق جزيرة قبرص حيث تندفع كتلة هوائية باردة تؤدي إلى تكاثف الغيوم وسقوط الأمطار بعد الطقس الحار والجاف الذي يصاحب المنخفضات الخماسينية في بداية تأثيرها.